إزالة حلقة المعدة: متى ينصح الأطباء بها؟

إزالة حلقة المعدة: متى ينصح الأطباء بها؟

19-10-2025

48

إزالة حلقة المعدة: متى ينصح الأطباء بها؟

حلقة صغيرة من السيليكون قد تغيّر حياة كاملة، تجعل المعدة أشبه بغرفة صغيرة لا تتسع إلا لكمية قليلة من الطعام. لكن أحيانًا، تتحول هذه الحلقة من وسيلة إنقاذ إلى سببٍ لمعاناة، ليصبح الحديث عن إزالة حلقة المعدة هو المرحلة الأهم في رحلة المريض نحو استعادة توازنه وصحته.

إزالة حلقة المعدة

إزالة حلقة المعدة (Gastric Band Removal) هي إجراء جراحي يهدف إلى نزع الحلقة المصنوعة من السيليكون والتي وُضعت سابقًا حول الجزء العلوي من المعدة كإحدى وسائل علاج السمنة. هذه الحلقة تعمل أساسًا على تكوين جيب معدي صغير يجعل المريض يشعر بالشبع بسرعة، لكن مع مرور الوقت قد يفشل الإجراء في تحقيق النتائج المرجوة أو يتسبب في مضاعفات تستدعي إزالته.

 

تُجرى العملية عادةً تحت التخدير العام باستخدام الجراحة بالمنظار (Laparoscopy) عبر شقوق صغيرة في البطن، ما يقلل من فترة النقاهة والندوب ويتيح للمريض مغادرة المستشفى غالبًا في اليوم التالي للعملية. 

 

وفي حالات قليلة قد يلجأ الجرّاح إلى الجراحة المفتوحة إذا كان هناك صعوبات تقنية أو وجود ندوب كثيفة من العملية السابقة.

لماذا يتم إزالة حلقة المعدة؟

رغم أن الهدف من تركيب الحلقة هو دعم المريض في رحلة فقدان الوزن، إلا أن هناك عوامل عديدة قد تجعل الاستمرار بها غير ممكن وتستدعي إزالتها نهائيًا. ومن أبرز الأسباب:

  • عدم فقدان الوزن أو استعادة الوزن مجدداً: إذا لم يتمكن المريض من التخلص من نسبة كافية من وزنه الزائد (حوالي 25–30%)، أو إذا استعاد وزنه بعد فترة من العملية، فإن الحلقة تفقد وظيفتها، ويُوصى عندها غالبًا بالإزالة وربما استبدالها بإجراء آخر أكثر فاعلية.
     
  • عدم تحمّل الجهاز: بعض المرضى يعانون من أعراضًا مزمنة، مثل الغثيان المستمر، أو القيء المتكرر، أو آلام بعد الأكل أو صعوبة في البلع، وهذه العلامات تدل على أن الجسم لم يتكيف مع الحلقة، ما يجعل إزالتها الخيار الأنسب.
     
  • العدوى والالتهابات: في بعض الحالات تخترق الحلقة جدار المعدة مسببة التهابات أو عدوى لا تستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية، الأمر الذي يستوجب الإزالة كعلاج جذري.
     
  • انزلاق الحلقة: قد تتحرك الحلقة من موضعها، فتكوّن جيبًا أكبر فوقها، وهو ما يؤدي إلى تراجع فعاليتها وظهور أعراض إضافية. أحيانًا يمكن معالجة الوضع مؤقتًا بتفريغ الحلقة من السائل أو إعادة ضبطها، لكن في حالات متكررة أو معقدة تصبح الإزالة هي الحل الأمثل.
     
  • الارتجاع وحرقة المعدة الشديدة: قد تظهر لدى بعض المرضى أعراض ارتجاع جديدة بعد العملية. إذا كانت شديدة ولم تستجب للأدوية، فإن استمرارها قد يؤدي إلى التهاب المريء المزمن، وبالتالي تصبح الإزالة ضرورية للتخفيف من هذه المضاعفات.
     
  • تأثيرات طويلة المدى على المريء: الاستعمال الطويل للحلقة قد يسبب توسع المريء، ضعف حركته الطبيعية أو التهابات متكررة في جداره. وفي حال تطور هذه المشكلات، يكون نزع الحلقة أفضل وسيلة لحماية المريض من تفاقم الأعراض.

إزالة حلقة المعدة ليست قرارًا عشوائيًا، بل إجراء علاجي يُلجأ إليه عندما تتحول الحلقة من أداة مساعدة إلى مصدر أذى أو فشل وظيفي، ليُعيد للمريض صحته ويتيح خيارات بديلة أكثر أمانًا وفاعلية على المدى الطويل.

كيف تتم عملية إزالة حلقة المعدة؟

تُجرى العملية وفق خطوات دقيقة تهدف إلى تفكيك الجهاز وإعادة المعدة إلى وضعها الطبيعي، والتي تتمثل في:

  1. إجراء الشقوق الجراحية: يبدأ الجرّاح العملية بإجراء 3 إلى 5 شقوق صغيرة في البطن لإدخال المنظار والأدوات الجراحية، وغالبًا يُعاد استخدام أماكن الشقوق القديمة لتقليل الندوب.
     
  2. تعبئة البطن بالغاز: يُنفخ البطن بغاز آمن (عادة ثاني أكسيد الكربون) لتوسيع المجال الجراحي وتحسين الرؤية.
     
  3. تحرير الأنسجة والندوب: يبدأ الجرّاح بفك الالتصاقات والأنسجة الليفية المحيطة بالحلقـة، وفك الغرز التي كانت تثبّت المعدة حول الحلقة أثناء العملية الأولى. هذه الخطوة مهمة لاستعادة تشريح المعدة الطبيعي.
     
  4. قص الأنبوب وفصل الحلقة: تُقطع الوصلات المتصلة بالمنفذ تحت الجلد، ثم تُزال الحلقة من حول المعدة بعناية.
     
  5. إزالة المنفذ تحت الجلد: يُزال المنفذ المثبت عادةً أسفل الجلد مع الأنبوب الموصل.
     
  6. التعامل مع الندوب الكثيفة: في حال وجود تليف أو التصاقات شديدة، يُزيل الجرّاح هذه الأنسجة لمنع حدوث انسداد لاحقًا.
     
  7. إغلاق الشقوق: تُغلق الشقوق الصغيرة باستخدام الغرز أو الشرائط التجيميلة، ويُزال الغاز من البطن.

تستغرق العملية عادة ما بين ساعة إلى ساعتين تحت التخدير، وغالبًا ما يُنصح المريض بالمبيت ليلة واحدة في المستشفى، مع إمكانية الاكتفاء باليوم نفسه في بعض الحالات البسيطة. تبدأ مرحلة التعافي تدريجيًا، إذ يمكن العودة إلى الأنشطة اليومية خلال فترة تتراوح من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بحسب استجابة كل مريض.

 

النظام الغذائي بعد العملية يمر بمراحل متدرجة تبدأ بالسوائل، ثم الأطعمة اللينة، قبل الوصول إلى النظام الغذائي الطبيعي. خلال هذه الفترة، يجب متابعة المريض بشكل دوري لمراجعة التئام الجروح، ومراقبة الوزن، والتأكد من سير التعافي بالشكل الأمثل، وقد يُنصح باستخدام مكملات غذائية مؤقتة حتى يستعيد الجسم توازنه الكامل.

ما المخاطر بعد إزالة حلقة المعدة؟

تُعد إزالة حلقة المعدة إجراءً آمنًا في معظم الحالات، لكن مثل أي عملية جراحية قد ترافقها بعض المضاعفات البسيطة أو النادرة، والتي يختلف احتمال حدوثها من مريض لآخر بحسب حالته الصحية وتاريخه الطبي.

تشمل المخاطر قصيرة المدى (أثناء العملية أو بعدها مباشرة) ما يلي:

  • احتمال طفيف للنزيف أو حدوث إصابة بسيطة في المعدة أو الأمعاء.
  • التهابات سطحية في الجرح أو تأخر التئام الجروح، والتي يتعامل معها الطبيب من خلال المضادات الحيوية أو العناية الموضعية.
     
  • الحاجة النادرة للتحويل من جراحة بالمنظار إلى جراحة مفتوحة إذا وُجدت صعوبة تقنية أو وجود التصاقات قوية.
     
  • تفاعل مع التخدير أو بعض الأدوية، وهي حالات تُراقب بدقة أثناء العملية.
     

أما عن المخاطر طويلة المدى:

  • عودة الشعور بالجوع بشكل أكبر مما قد يؤدي إلى الإفراط في الأكل أو زيادة الوزن من جديد.
     
  • استمرار بعض الأعراض الهضمية مثل الحموضة أو الارتجاع لدى نسبة قليلة من المرضى.
     
  • إمكانية عدم السيطرة الكافية على الوزن على المدى البعيد، مما قد يتطلب لاحقًا التفكير في جراحة بديلة مثل التكميم أو تحويل المسار.
     

الجدير بالذكر أن هذه المخاطر عامة ومحدودة الحدوث، ويقيّمها الطبيب وفقًا لكل حالة على حدة مع اتخاذ الإجراءات الوقائية لتقليلها قدر الإمكان. لذلك، يبقى التواصل المباشر مع الجراح المختص خطوة أساسية لفهم التفاصيل والاطمئنان قبل اتخاذ القرار.

هل تعود السمنة بعد إزالة حلقة المعدة؟

 

قد يحدث ذلك إذا لم يتبع المريض أسلوب حياة صحي أو لم يُستكمل العلاج بإجراء جراحي بديل. فالحلقة كانت تعمل كحاجز يساعد على الأكل بكميات أقل ويقلل من إحساس الجوع، ومع إزالتها قد يعود الجسم تدريجيًا للشهية المعتادة ويصبح التحكم في الوزن أكثر صعوبة. 

 

لكن هذا لا يعني أن الطريق مغلق؛ فالكثير من المرضى يختارون إجراءات أخرى، مثل التكميم أو تحويل المسار لتأمين نتائج أكثر ثباتًا، بينما ينجح آخرون في الحفاظ على وزنهم من خلال المتابعة الغذائية وتغيير العادات اليومية. الأهم أن تكون الخطوة التالية مبنية على وعي، وأن تكون تحت إشراف فريق طبي يساعدكِ على اختيار الحل الأنسب لحالتكِ ويمنحكِ الدعم المطلوب لتفادي عودة السمنة.

 

قد تتغير اختياراتنا مع مرور الوقت، فما كان مناسبًا بالأمس قد يصبح اليوم عبئًا على صحتنا وحياتنا. وعندما تتحول الحلقة إلى سبب للألم أو الارتجاع أو خيبة الأمل في النتائج، يكون الحل الأمثل هو إزالة حلقة المعدة كخيار طبي آمن يعيد لكِ راحتكِ. المهم أن يُتخذ هذا القرار تحت إشراف فريق متخصص يرافقكِ بخطوات مدروسة ويضمن لكِ أعلى مستويات الأمان.

 

استشيري أطباء عيادات كلاريتي الآن لتكتشفي أفضل الخيارات الطبية لحالتكِ وتخططي لمرحلة جديدة بثقة واطمئنان.